25 February 2015

ما هو التصوف؟


اشتقاق اسم التصوف
إن الإسلام الحقيقي هو اتباع لما جءا به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن الله سبحانه وتعالى والإيمان به مع الإذعان وقد نقلت إلينا تعاليم الإسلام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق صحابته الذين أخذوا عنه الشريعة وكذلك أخذها عنهم الذين تبعوهم وسموا باسم التابعين وهم الذين صحبوا من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد نقلت عنهم الوراثة النبوية العلمية فأخذ عنهم تعابعو التابعين ودنوا الشريعة وتفرد بها العلماء فمنهم من تخصص بالحديث النبوي الشريف وأصبح من الحفاظ، وكذلك تفرد أناس بعلوم الآلة (النحو والصرف والبلاغة).
وتفرد بعضهم بعلم التفسير وتفرد بعضهم بعلم الفقه ، وتفرد بعضهم بعلم التربية السلوك والعمل، وقد دوت العلوم المنقولة وسميت بأسماء ومصطلحات: فسمي من اشتغل بالحديث الشريف (محدثا)  ومن اشتغل بالنحو (نحويا)، ومن اشتغل بالتفسير (مفسرا)، ومن اشتغل بالفقه (فقيها)، ومن اشتغل بالتربية والسلوك في طريق الله (صوفيا).
كل هذه الأسماء لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما هي إلا مصطلحات لأسماء العلوم الشرعية التي اء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكل من تسمى بواحد من هذه الأسماء وغيرها لا يخرج عن تسميته مسلما، وليس كل اسم أو وصف لم يأت في القرآن الكريم أو السنة الشريفة يحرم التسمي به بل جائز شرعا فقد سمى الله سبحانه وتعلاى المسلمين بأسماء عديدة (السابقين ، المقربين ، الصادقين ، الشهداء ، الصالحين ، الأولين ، الآخرين ، المخبتين.. ) فكل اسم ذكر له اشتقاق.
فالشهداء (من الاستشهاد في سبيل الله ) والمخبتين (من التواضع) والصادقين (من الصدق في أعمالهم وأقوالهم وسرائرهم مع الله ) وكذلك في مجال المهن في جميع الأزمنة والعصور (كالمهندس والطبيب والحداد والنجار.. الخ) وكل واحد منهم سمي بذلك نسبة لعمله وكذلك نسبة إلى القبائل والأوطان مثل سيدنا محمد عليه الصلاة واللام (القرشي المكي) وسيدنا أبي ذرك (الغفاري المكي) وسيدنا بلال (الحبشي) وسيدنا سلمان(الفارسي) وسيدنا صهيب (الرومي) وكذلك فإن اسم التصوف قد كثرت فيه الأقاويل فمنهم من قال: (من الصفاء) حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله تعالى :
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا
وظنه البعض مشتقا من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى
صفا فصوفي حتى سمي الصوفي([1][1])


ومنهم من قال: إن التصوف نسبة إلى لبس الصوف الخشن، لأن الصوفية كانوا يؤثرون لبسه للتقشف والاخشيشان، وهو شعارهم.
* قال سيدنا الإمام الكبير أحمد الرفاعي قدس الله سره:
(قيل لهذه الطائفة الصوفية) واختلف الناس في سبب التسمية وسببها غريب لا يعرفه الكثير من الفقراء وهو أن رجلا من جماعة من مضر يقال لهم بنو الصوفة هو الغوث ابن مر بن أدبن طابخة الربيط كانت أمه لا يعيش لها ولد فنذرت إن عاش لها ولد لتربطن برأسه صوفه وتجعله ربيط الكعبة وقد كانوا يجيزون الحاج إلى أن من الله بظهور الإسلام فأسلموا وكانوا عباد ونقل عن بعضهم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمن صحبهم مي بالصوفي وكذلك من صحب من صحبهم أو تعبد ولبس الصوف مثلهم ينسبونه إليهم فيقال صوفي)([2][2]).
وقيل (من الصف): لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع همهم إليه وإقبالهم عليه ووقوفهم بسرائرهم بين يديه.
ومنهم من قال (من الصفة) لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم﴾([3][3]) وهذا يستقيم معنى لا اشتقاقا وأهل الصفة هم الرعيل الأول من رجال التصوف فقد كانت حياتهم التعبدية الخالصة المثل الأعلى الذي اتهدفه رجال التصوف في العصور الإسلامية المتتابعة.ومنهم من قال: من الصوفة لأن الصوفي مع الله تعالى كالصوفة المطروحة لاستسلامه لله تعالى .
ومنهم  من قال : من الصفة إذ جملته اتصاف بالمحاسن وترك الأوصاف المذمومة([4][4]) وقيل: (من الصفوة) يعني أنهم صفوة الله من خلقه.
وقيل: كان هذا الاسم في الأصل صفوي واستثقل ذلك وجعل صوفيا ومنهم من قال: لفظ كلمة التصوف أربعة أحرف: التاء والصاد والواو والفاء . فالتاء: من التوبة ، والصاد: من الصفاء ، والواو من الولاية ، والفاء: من الفناء.
ومنهم من قال: إن مشتق من (صوفة) وذلك أن قوما كانوا في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله تعالى وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم من الناس سموا بالصوفية .
وقال الإمام القشيري رحمه الله : ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر أنه كاللقب يعتبر اسم الصوفي اسما جامدا أو لقبا أطلق على هذه الطائفة يميزها عن غيرها.
وذكر المستشرق نيكلسون([5][5]) نقلا عن المستشرق (نولدكه): منكرا أن تكون الكلمة راجعة إلى أصل يوناني أو بوذي أو غيره.. لا يوجد دليل إيجابي يرجع افتراض أن الكلمة([6][6]) مشتقة من الأصل اليوناني ( سوفوس) في حين أن نسبتها إلى الصوف يؤيدها نصوص من أقوال الكتاب المسلمين أنفسهم ... ثم ذكر (نولد كه) طائفة من الأدلة على كلامه وأنهم كانوا يلبسون الصوف وخصوصا منهم الزهاد.


التصوف ومنشؤه
* قال الدكتور حسن إبراهيم حسن: ومن المسائل التي شغلت أفكار المسلمين في ذلك العصر (التصوف) وذلك أن كثيرا من المسلمين الذين اشتهروا بالورع والتقوى لم يجدوا في علم الكلام ما يقنع نفوسهم المولعة بحب الله سبحانه وتعالى فرأوا أن يتقربوا اليه عن طريق الزهد والتشقف وفناء الذات في حبه تعالى ومن ثم سموا (بالمتصوفين)
وأول من تسمى بالصوفي هو أبو هاشم الذي ولد في الكوفة وأمضى سواد حياته في الشام وتوفي في سنة / 150 / هـ.
وغن أول من حدد نظريات التصوف وشرحها هو ذو النون المصري (245هـ) تلميذ الإمام مالك والذي شرحها وبوبها ونشرها هو الجنيد البغدادي المتوفى سنة (334هـ)
ومنهم من قال: التصوف مشتق من الصوف، وقد كان يلبسه بعض العباد والزهاد الذين لا يميلون إلى الترف ، وقد وتهم في ذلك أهل الصفة الذين قال الله فيهم ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه﴾ .
وأثر عن سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال: لقد أدركت سبعين بدريا كان لباسهم الصوف.
والتصوف: لقب اصطلح الناس عليه والمراد به الشخص المسلم المتمسك بالكتاب والسنة، وممن عرف بالتصوف في الصدر الأول الإسلامي سيدنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وأنه أمة وحده يعيش وحده ويموت وحده كما أبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم ومنهم سيدنا حذيفة بن اليمان وسيدنا سلمان الفارسي فقد كان يأكل من عمل يده (كان ينسج الخوص ويبيعه) ثم جاء من بعدهم الحسن البصري الذي كان يغط الناس ويرشدهم وقد ربى رجالا منهم مالك بن دينار ثم جاء بعد ذلك إبراهيم بن أدم ثم الإمام الجنيد والقشيري ثم ذو النون المصري المتوفى سنة (245هـ) والتصوف من حيث ذاته عقيدة وخلق وجهاد ودعوة ودعائمه الإسلام والإيمان والإحسان بما فيه المراقبة والمشاهدة ومتابعة (القرآن والسنة) وأهدافه التخلي عن كل رذيلة والتحلي بكل فضيلة والسلوك الملتزم بطاعة الله ورسوله وجهاد النفس وإصلاح الباطن والإيثار.
ويبدو لمتتبع هذه النحلة السامية أنها مرت بمراحل مختلفة قبل أن تتسمى بهذا الاسم المعروف فكانت أحوالها تظهر في كل مرحلة باسم معين وهكذا إلى أن استقرت باسم (التصوف) وآية ذلك أن الشيخ الأستاذ أبا القاسم القشيري يقول في رسالته الشهيرة (الرسالة القشيرية): اعلموا رحمكم الله أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ لا أفضلية فوقها فقد قيل (الصحابة )ولما أدرك العصر الثاني سمي من صحب الصحابة (التابعين) ورأوا ذلك أشرف تسمية ثم قيل لمن بعدهم (أتباع التابعين) ثم اختلفت وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس مم لهم شدة عناية بامر الدين (الزهاد والعباد) ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ادعوا بان منهم زهادا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله تعالى الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم (التصوف) واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر بعد المائتين من الهجرة([11][11]) .
ومما يشير أيضا إلى أن اسم التصوف رف بعد القرن الثاني للهجرة ما أورده المسعودي في تاريخه (مروج الذهب ومعادن الجواهر) عن يحيى بن أكثم أن المأمون كان جالسا ذات يوم إذ دخل عليه حاجبه علي بن صالح فقال: يا أمير المؤمنين رجل بالباب عليه ثياب بيض غلا يطلب الدخول للمنارة فقال : إنه بعض المتصوفة ومما يشهد لهذا أيضا ما ذكره الكندي في كتاب (ولاة مصر في حوادث سنة مائتين ) أنه ظهر بالاسكندرية طائفة يتسمون بالصوفية يأمرون بالمعروف هذا عن ذيوع اسم التصوف وانتشاره ولكن يبدو أن اسم التصوف كان موجودا قبل المائتين لكنه ذاع وانتشر بعد الماتي وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتابه (الصوفية والفقراء) : وأول ما ظهرت الصوفية من البصرة.
واول من بنى دويرة التصوف بعض أصحاب عبدالواحد بن زيد وهو من أصحاب الحسن البصري رحمهم الله تعالى وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سار الأمصار ولهذا كان يقال، فقه كوفي وعبادة بصرية وبه يقول العلامة محمد كرد علي رحمه الله تعالى : وأول من تسمى بالصوفي في أهل السنة أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة (150) وكان من النساك يجيد الكلام وينطق الشعر كما وصفه الحفا مثل هاشم الأوقص وصالح بن عبدالله الجليل([15][15]) ولسنا نهتم كثيرا بمصطلح الكلمة واشتقاقها بقدر اهتمامنا بمضمونها.
فإن شئت سم (التصوف) بالتزكية ونهي النفس عن الهوى كما قال تعالى ﴿وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى﴾([16][16]) أو سمه الإحسان أو علم التربية والسلوك ولكن لا مرفر لنا من إطلاق اسم التصوف عليه لأنه الاصطلاح الذي تعاهده أهل التاريخ وشاع عندهم أكثر من غيره.
والعجيب أن الذين اعترضوا على أنل التصوف جاؤوا بعد القرن السادس الهجري والذين كانوا في زمان أهل التصوف المؤسسين لم يعترضوا عليهم ، بل شهدوا لهم وأكدوا أنهم على الحق والنور والهدى وشهادتهم ستكون في مضمون هذا الكتاب ليقرأها طالب الحق.
·       ويقول الدكتور أحمد علوش:
(قد يتسائل الكثيرون عن السبب في عدم هور هذه الدعوة إلا بعد عهد اصحابة والتابعين والجواب عن هذا: أنهلم تكن ثمة حاجة إليها في العصر الأول لأن أهل ذاك العصر كانوا أهل تقى وورع وأرباب مجاهدة وإقبال على العبادة بطبيعتهم وبحكم قرب اتصالهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يتسابقون ويتبادرون في الاقتداء به في ذلك كله، فلم يكن ثمة ما يدعو إلى تلقينهم علما يرشدهم إلى أمر هم قائمون به فعلا وإنما مثلهم في ذلك كله كمثل العربي القح يعرف اللغة العربية بالتوارث كابرا عن كابر  حتى إنه ليقرض الشعر البليغ بالسليقة والفطرة دون أن يعرف شيسئا من قواعد اللغة والإعراب والنظم والقريض ، فمثل هذا لا يلزمه أن يتعلم النحو ودروس البلاغ ولكن علم النحو وقواعد اللغة والشعر تصبح لازمة وضرورية عند تفشي اللحن وضعف التعبير أو لمن يريد من الأانب أن يتفهمها ويتعرف عليها أو عندما يصبح هذا العلم ضرورة من ضرورات الاجتماع كبقية العلوم التي نشأت وتألفت على توالي العصور في أوقاتها المناسبة.
فالصحابة والتابعون – وإن لم يتسما باسم المتصوفين- كانوا صوفيين فعلا وإن لم يكونوا كذلك اسما ، وماذا يراد بالتصوف أكثر من أن يعيش المرء لربه لا لنفسه ، ويتحلى بالزهد وملازمة العبودية والإقبال على الله بالروح والقلب في جميع الأوقات وسائر الكمالات التي وصل بها الصحابة والتابعون من حيث الرقي اروحي إلى أسمى الدرجات فهم لم يكتفوا بالإقرار في عقائد الإيمان والقيام بفروض الإسلام بل قرنوا الإقرار بالتذوق والوجدان وزادوا على الفروض الإتيان بكل ما استحبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من نوافل العبادات وابتعدوا عن المكروهات فضلا عن المحرمات حتى استنارت بصائرهم وتفجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم وفاضت الأسرار الربانية على جوانحهم وكذلك كان شان التابعين وتابعي التابعين وهذه العصور الثلاثة كانت أزهى عصور الإسلام وخيرها على الإطلاق وقد جاء ن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله (خير القون قرني هذا فالذي يليه والي يليه)([17][17]) فلما تقادم العهد ودخل في حظيرة الإسلام أمم شتى وأجناس عديدة واتسعت دائرة العلوم وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص قام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يجيده أكثر من غيره فنشأ بعد تدوين النحو في الصدر الأول علم الفقه وعلم التوحيد وأصول الدين وعلوم الحديث والتفسير المنطق ومصطلح الحديث وعلم الأصول والفرائض (الميراث) وغيرها..
وحدث بعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئا فشيئا وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية والقلب والهمة مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هم من ناحيتهم أيضا على تدوين علم التصوف ، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم ولم يكن ذلك منهم احتجاجا على انصراف الطوائف الأخرى إلى تدوين علومهم – كما يظن ذلك – خطأ – بعض المستشرقين- بل كان سدا للنقص ن واستكمالا لحاجات الدين في جميع نواحي النشاط مما لابد منه لحصول التعاون على تمهيد أسباب البر والتقوى([18][18]).
وقد بنى أئمة الصوفية الأولون أصول طريقهم على ما ثبت في تاريخ الإسلام نقلا عن الثقات الأعلام.
أما تريخ التصوف فيظهر في فتوى للإمام الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه اله فقد سئل عن أول من أسس التصوف؟ وهل هو بوحي سماوي؟
فأجاب: (أما أول من أسس  الطريقة فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما بينها واحدا واحدا دينا بقوله: (هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم)([19][19]). وهو الإسلام والإيمان والإحسان فالإسلام ط
اعة وعبادة والإيمان نور وعقيدة والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ... ).
ثم قال السيد محمد صديق الغماري في رسالته تلك : فإنه كما في الحديث الدين عبارة عن الأركان الثلاثة فمن أخل بهذا المقام (الإحسان) فدينه ناقص بلا شك لتركه ركنا من أركانه فغاية ما تدعو اليه الطريقة وتشير اليه هو مقام الإحسان بعد تصحيح الإسلام والإيمان([20][20]).
·       وقال ابن خلدون في مقدمته:
(وهذا العلم – يعني التصوف – من العلوم الشرعية الحادثة في الملة، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عن سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى ، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة مال وجاه والانفراد عن الخلق والخلوة للعبادة وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف: فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة)([21][21]).
ويعنينا من عبارة ابن خلدون الفقرة الأخيرة التي يقرر فيها أن هور التصوف والصوفية كان نتيجة جنوح الناس إلى مخالطة الدنيا وأهلها في القرن الثاني للهجرة فإن ذلك يدعو أن يتخذ المقبلون على العبادة اسما يميزهم عن عامة الناس الذين ألهتهم الحياة الدنيا الفانية.
فمن هذه النصوص السابقة يتبين لنا أن التصوف ليس أمرا مستحدثا جديدا ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحياة أصحابه الكرام كما أنه ليس مستنبطا من أصول لا تمت إلى الإسلام بصلة كما يزعم أعداء الإسلام من المستشرقين وتلامذتهم الذين ابتدعا أسماء مبتكرة فأطلقوا اسم التصوف على الرهبنة البوذية والكهانة النصرانية والشعوذة الهندية فقالوا : هناك تصوف بوذي وهندي ونصراني وفارسي...
يريدون بذلك تشويه اسم التصوف من جهة واتهام التصوف بأنه يرجع في نشأته إلى هذه الأصول القديمة والفلسفات الضالة من جهة أخرى ولكن الإنسان المؤمن لا ينساق بتياراتهم الفكرية الماكرة ويتبين الأمور ويتثبت في البحث عن الحقيقة فيرى أن التصوف هو التطبيق العملي للإسلام.   

   أسس التصوف                                             
                                   

0 comments:

Post a Comment